01 - 06 - 2025

مؤشرات | الرقم (9232180) ..عمر أنس أيقونة إنسانية

مؤشرات | الرقم (9232180) ..عمر أنس أيقونة إنسانية

قبل وفاة الصديق العزيز والمصور الصحفي الكبير عمر أنس بحوالي 24 ساعة تحادثنا هاتفيا، ورغم أزمته الصحية الأخيرة والتي بدأت في تزايد من أكتوبر الماضي (2024)، وجدته يحدثني عن الزميلة الصحفية أمل سرور مديرة مكتب الأهرام في البحيرة، وابنة الصديق المرحوم ثروت سرور مراسل جريدة الأهالي في البحيرة السابق، والكادر بحزب التجمع، ويسألني عن كيفية دعمها في أزمتها بعد إصابة نجلها في حادث تعدي طالب في الصف الثاني الثانوي عليه في مدرسة بالإسكندرية، وعلى طالبين أخرين بآلة حادة مما أدى إلى دخوله العناية المركزة.

وكان مهمومًا كعادته الإنسانية، بهذا الموضوع، وناقشني في دور نقابة الصحفيين في دعم أمل سرور في محنتها، والدور الذي يمكن أن يقوم به حزب التجمع بدعمها في هذه المأساة، بإصابة ابنها بطعنة من الطالب المتهم بعملية الطعن، وتعرضها للابتزاز من أهله، اتفقنا على التواصل بداية الأسبوع لترتيب لقاء مع الصديق الكاتب أحمد سليم أمين عام المجلس الأعلى للإعلام الأسبق.

ولكن كانت المفاجأة بخبر الوفاة قبيل صلاه يوم الجمعة الماضي الموافق 24 يناير، ليترك أسئلة وحكايات كثيرة دون إجابات حتى أخر العمر ومشروعات صحفية لأرشيف صور اجتماعية وسياسية وفنية وإنسانية، حالت صحته دون استكمالها.

عمر أنس مصور صحفي من طراز خاص، ارتبطت علاقاتنا لسنوات طويلة لم تنقطع حتى خلال الغربة التي امتدت لنحو 20 عاما، كانت اللقاءات خلال فترات الإجازات تجمعنا لنزور معا أصدقاء مشتركين، وكان من الحظوظ السعيدة أنه انتقل إلى للسكن لبعض سنوات بجواري في شارع فيصل، لنتلاقي بشكل شبه يومي خلال كل زيارة للقاهرة في سنوات السفر، ليضعني في خريطة كل الأحداث، وأخبار الزملاء والأصدقاء.

بداية الصداقة مع عمر أنس كانت مع العمل سويًا في الأهالي في مطلع الثمانينيات من القرن الماضي لتستمر لما يقرب من 45 عامًا، ظل مصورًا صحفيًا من طراز خاص، وأسرع من يلبي طلبات التصوير، في كل مكان وفي أي حدث، ولم يكن يمر أسبوع إلا وأجده يقدم لي صورة للنشر في الأهالي تحكي عن الناس الغلابة في مصر المحروسة.

وأرشيف الأهالي ملئ بحكايات عمر أنس الإنسانية بالصور، وفي مجلة "الإذاعة والتلفزيون" والذي كان مصورا صحفيا فيها طيلة سنوات عمره، وامتد الأرشيف لصحف أخرى في العربي الناصري مع رئاسة تحريرها الأولى على يد الأستاذ المرحوم محمود المراغي، وفي صحف كثيرة داخل وخارج مصر، وكل صورة تحمل حكاية، واختياراته كانت دقيقة.

ومن انسانيات عمر أنس أنه وضع قضية حقوق موظفي معاشات ماسبيرو على رأس اهتماماته، ووضعها على قائمة اهتماماته عندما كان عضوا بمجلس نقابة مجلة الإذاعة التلفزيون، وزاد اهتمامه بعد بلوغه سن المعاش القانوني قبل 8 سنوات، وتحديدا في 2016، وأصبح من ضحاياها، وخاض معركة طويلة، لدعم مطالب الموظفين المحالين للمعاش في ماسبيرو، والتي لم يتم صرفها حتى الآن، فكثيرا ما كان يحدثني عن وسائل نشر مطالبهم، وأخبار وقفاتهم الاحتجاجية المتعددة في مبنى ماسبيرو، بعدما تخلي المسؤولون عنهم، واتضحت وعودهم الكاذبة.

ويبدوا أن عمر أنس كان يدرك أنه سيكون من بين ضحايا عدم صرف مستحقات موظفي ماسبيرو المحالين للتقاعد، خصوصا بعد اصابته بأزمة صحية شديدة، ازدادت في أكتوبر الماضي، ليتم نقله إلى مستشفى القصر العيني الفرنساوي، لتبدأ رحلة المعاناة مع المستشفيات والهيئة الوطنية للإعلام.

ويصبح عمر الرقم (9232180)، متمثلا في شكواه إلى مجلس الوزراء، لما يتعرض له من أذي، بسبب عدم صرف مستحقاته (نهاية الخدمة) من الهيئة الوطنية للإعلام، وتحولت تغريداته (البوستات) بصفحته على الفيسبوك إلى استغاثات، قائلا "أقسم بالله أنني أعرف حالات قد توفاها الله لعدم وجود دواء" في صيدلية الهيئة، كما ناشد رئيس الهيئة قائلا "ارجو تدخلك لوقف هذه المهازل، مع التدخل لصرف مستحقاتي"

ومن أكثر البوستات ألمًا، "يا مريض الهيئة الوطنية للإعلام من الأفضل أن تموت في منزلك حتى لا تهان في المستشفيات المتعاقدة معها الهيئة الوطنية"، وما كان الأكثر ألمًا يوم 19 أكتوبر " الايام والحياة على وشك الانتهاء"، و" الماضي والحاضر-- ولا بد من استقبال النهاية".

وما يبكي ما قاله عمر عن رفيقة رحلته (زوجته) " يارب -- يا قادر --يا وهاب -- اشفني لأرد نسبة ولو ضئيلة لما قدمته زوجتي في شدة مرضى.. ادام الله لك الصحة والعافية" ...

أوجعتني يا عمر بكلماتك عندما كنت أتحدث معك عقب كل "بوست" .. رحمة الله عليك يا صديقي.. وحساب من ظلمك عند المولي جل جلاله.
-------------------------------
بقلم: محمود الحضري

مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | سلاح الليزر .. هل يحمي الكيان الصهيوني من